ما هي مكانة القطط في الإسلام؟
القطط كانت دائمًا من أقرب الحيوانات إلى الإنسان، وبالأخص في المجتمعات الإسلامية، حيث لم تُعامل فقط كحيوانات أليفة، بل ككائنات مكرمة لها حضورها في الحياة اليومية وحتى في كتب الفقه والسُنة.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الإسلام لم يترك تعاملنا مع هذه الكائنات للصدفة، بل أرشدنا إلى طريقة العناية بها، وبيّن مكانتها، وحدّد علاقتنا بها على أساس الرحمة والمسؤولية.
فما هي مكانة القطط في الإسلام؟ وهل تربيتها جائزة؟ وما نظرة النبي ﷺ لها؟ هذا ما سنكتشفه في هذا المقال الغني بالمراجع والحقائق الدينية.
🟣 1. القطط في حياة النبي محمد ﷺ
القطط لم تكن غريبة على بيت النبي ﷺ. فقد ورد أن قطة كانت تنام على ثوب رسول الله، وعندما أراد أن يقوم، قصّ جزءًا من ثوبه ولم يُزعجها، في مشهد يعكس قمة الرفق.
🔹 كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ قوله:
"إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات."
(رواه أبو داود والنسائي والترمذي)
وهذا دليل مباشر على أن القطط طاهرة، ويجوز أن تشرب من أواني الناس، ولا يُمنع من استعمال الماء الذي شربت منه، حتى في الوضوء.
🟣 2. القطط ليست نجسة في الإسلام
على خلاف بعض المفاهيم المنتشرة، القطط ليست نجسة لا في جسدها ولا في لعابها، ولا في فضلاتها إذا تم تنظيفها جيدًا.
وقد ورد في الحديث عن الصحابي أبو قتادة أنه سقى قطة من إنائه، ولم يتردد أو يتحرج، وقال:
"إن رسول الله ﷺ قال: إنها ليست بنجس."
وهذا يفتح الباب أمام التعامل الطبيعي مع القطط داخل البيوت، ويزيل أي تخوفات شرعية من تربيتها أو لمسها.
🟣 3. تحذير الإسلام من تعذيب القطط
جاء الإسلام برسالة رحمة لجميع الكائنات، وليس للبشر فقط، وقد ورد في صحيح البخاري ومسلم:
"دخلت امرأة النار في هِرّة، حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض."
هذا الحديث العميق يضع خطًا أحمر أمام أي إهمال أو إساءة للقطط، فالإسلام يعتبر الأذى الواقع على الحيوانات سببًا للعقاب الإلهي، وهو ما يدعونا إلى الالتزام الأخلاقي والشرعي برعايتها.
🟣 4. من هو أبو هريرة؟ رمز حب القطط في الإسلام
من أشهر الصحابة الذين ارتبط اسمهم بالقطط هو الصحابي الجليل عبد الرحمن بن صخر الدوسي، الملقب بـ "أبو هريرة"، والذي كان يحمل قطة صغيرة في كمّه دائمًا.
وقد أحبّه النبي ﷺ وقرّبه، ولم يمنعه من ذلك، بل أصبح اسمه مرتبطًا بالقطط في ذاكرة الأمة الإسلامية.
🔸 وهذا يُظهر أن حب القطط، والعناية بها، لا يُنافي الدين، بل قد يكون علامة رِقّة ورحمة.
🟣 5. آراء العلماء والفقهاء في تربية القطط
اتفق جمهور العلماء من المذاهب الأربعة (المالكية، الشافعية، الحنفية، الحنابلة) على أن تربية القطط جائزة شرعًا، بل وتُستحب إذا كانت نية الشخص مبنية على الرفق والإحسان.
لكنهم وضعوا شروطًا مهمة، منها:
-
توفير الطعام والشراب باستمرار
-
عدم حبسها أو تعذيبها
-
عدم تركها تتعرض للخطر
-
العناية بنظافتها خصوصًا داخل البيت
📌 إهمال القطط يُعد معصية، ويُسأل عنها الإنسان أمام الله.
🟣 6. هل يجوز بيع القطط؟
هنا نجد اختلافًا بين العلماء:
-
بعض الفقهاء أجازوا بيع القطط، باعتبارها حيوانات نافعة وأليفة.
-
بينما ذهب آخرون، مثل ابن القيم الجوزية، إلى كراهة بيعها، ودعوا إلى تبنّيها بدل المتاجرة بها.
✅ وعلى هذا، فإن تبنّي القطط وإيواؤها بدون مقابل مادي هو الأفضل شرعًا وأقرب لروح الدين.
🟣 7. هل تربية القطط تبطل الصلاة أو الوضوء؟
✋ لا، لا تُبطل الصلاة، ولا تُنقض الوضوء، لأن القطة طاهرة شرعًا.
إذا مرّت القطة أمام المصلي، فلا يُعتبر ذلك مفسدًا للصلاة، بعكس بعض الحيوانات الأخرى التي يُنهى عنها.
🟣 8. فضل العطف على القطط في الإسلام
الرسول ﷺ قال:
"في كل كبدٍ رطبة أجر."
(رواه البخاري ومسلم)
وهذا الحديث يعمّ كل كائن حي، ويؤكد أن إطعام القطة، أو سقيها، أو حتى حمايتها، يُعد عبادة يُؤجر عليها المسلم.
🟣 الخلاصة
مكانة القطط في الإسلام راقية ومحترمة، لأنها مخلوقات مسالمة وطاهرة، وقد أوصى بها النبي ﷺ، وحرّم إيذاءها، ووعد بالأجر لمن يُحسن إليها.
✅ فإذا كنت تربي قطة، فأنت على طريق المحبة والرحمة، شريطة أن تلتزم بالعناية والرفق والمسؤولية.